فصل: (الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الفتاوى الهندية



.(الْبَابُ الثَّامِنُ فِي عَجْزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِهِ وَمَوْتِ الْمَوْلَى وَجِنَايَتِهِ عَلَى الْمَوْلَى وَجِنَايَةِ الْمَوْلَى أَوْ غَيْرِهِ عَلَيْهِ):

إذَا عَجَزَ الْمُكَاتَبُ عَنْ نَجْمٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ فِي حَالِهِ، فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ يَقْبِضُهُ أَوْ مَالٌ يَقْدَمُ عَلَيْهِ لَمْ يُعَجِّلْ بِتَعْجِيزِهِ وَانْتَظَرَ عَلَيْهِ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ نَظَرًا لِلْجَانِبَيْنِ وَالثَّلَاثَةُ هِيَ الْمُدَّةُ الَّتِي ضُرِبَتْ لِإِبْلَاءِ الْأَعْذَارِ فَلَا يُزَادُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَجْهٌ طَلَبَ الْمَوْلَى تَعْجِيزَهُ عَجَزَ، وَفَسَخَ الْكِتَابَةَ، وَهَذَا عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَهُوَ الصَّحِيحُ هَكَذَا فِي الْمُضْمَرَاتِ.
فَإِنْ أَخَلَّ الْمُكَاتَبُ بِنَجْمٍ فَرَدَّهُ مَوْلَاهُ عِنْدَ غَيْرِ سُلْطَانٍ بِرِضَاهُ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ الْعَبْدُ فَلَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَتَنْفَسِخُ الْكِتَابَةُ بِالْإِقَالَةِ وَكَذَا تَنْفَسِخُ بِفَسْخِ الْعَبْدِ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْمَوْلَى بِأَنْ يَقُولَ: فَسَخْتُ الْكِتَابَةَ أَوْ كَسَرْتُهَا سَوَاءٌ كَانَتْ فَاسِدَةً أَوْ صَحِيحَةً وَالْمَوْلَى لَا يَمْلِكُ الْفَسْخَ مِنْ غَيْرِ رِضَا الْعَبْدِ وَهَلْ تَنْفَسِخُ بِالْمَوْتِ؟ أَمَّا بِمَوْتِ الْمَوْلَى فَلَا تَنْفَسِخُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ لَهُ كَسْبٌ فَيُؤَدِّي إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَيَعْتِقُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي يَدِهِ كَسْبٌ فَيَكْسِبُ فَيُؤَدِّي فَيَعْتِقُ، وَإِنْ عَجَزَ عَنْ الْكَسْبِ رُدَّ إلَى الرِّقِّ كَمَا لَوْ كَانَ الْمَوْلَى حَيًّا، وَإِذَا مَاتَ الْمَوْلَى فَأَدَّى الْمُكَاتَبُ مُكَاتَبَتَهُ أَوْ بَقِيَّةً مِنْهَا إلَى وَرَثَتِهِ وَعَتَقَ، فَالْوَلَاءُ لِلذُّكُورِ مِنْ عَصَبَةِ الْمَوْلَى، وَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ مَوْتِ الْمَوْلَى وَرُدَّ إلَى الرِّقِّ ثُمَّ كَاتَبَهُ الْوَرَثَةُ كِتَابَةً أُخْرَى فَأَدَّى إلَيْهِمْ وَعَتَقَ فَالْوَلَاءُ لِلْوَرَثَةِ عَلَى قَدْرِ مَوَارِيثِهِمْ، أَمَّا بِمَوْتِ الْمُكَاتَبِ فَيُنْظَرُ إنْ مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ لَا تَنْفَسِخُ عِنْدَنَا، وَإِنْ مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ تَنْفَسِخُ بِالْإِجْمَاعِ، وَلَا تَنْفَسِخُ بِرِدَّةِ الْمَوْلَى بِأَنْ كَاتَبَ مُسْلِمٌ عَبْدَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّهَا لَا تَبْطُلُ بِمَوْتِ الْمَوْلَى حَقِيقَةً فَبِمَوْتِهِ حُكْمًا أَوْلَى أَنْ لَا تَنْفَسِخَ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَإِذَا مَاتَ لَا عَنْ وَفَاءٍ، وَلَا عَنْ وَلَدٍ فَاخْتَلَفُوا فِي بَقَاءِ الْكِتَابَةِ قَالَ الْإِسْكَافُ تَنْفَسِخُ حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ إنْسَانٌ بِأَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَنْهُ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا تَنْفَسِخُ مَا لَمْ يَقْضِ بِعَجْزِهِ حَتَّى لَوْ تَطَوَّعَ بِهِ إنْسَانٌ عَنْهُ قَبْلَ الْقَضَاءِ بِالْفَسْخِ جَازَ، وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ كَذَا فِي التَّبْيِين.
وَإِنْ مَاتَ، وَلَهُ وَلَدٌ مِنْ حُرَّةٍ وَتَرَكَ دَيْنًا فِيهِ وَفَاءٌ بِمُكَاتَبَتِهِ فَجَنَى الْوَلَدُ فَقَضَى بِهَا عَلَى عَاقِلَةِ الْأُمِّ، لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ قَضَاءً بِعَجْزِ الْمُكَاتَبِ، وَإِنْ اخْتَصَمَ مَوَالِي الْأُمِّ وَمَوَالِي الْأَبِ فِي وَلَائِهِ فَقَضَى بِهِ لِمَوَالِي الْأُمِّ فَهُوَ قَضَاءٌ بِالْعَجْزِ كَذَا فِي الْهِدَايَةِ.
وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، وَلَهُ وَصَايَا مِنْ تَدْبِيرٍ وَغَيْرِهِ وَتَرَكَ وَلَدًا حُرًّا وَوُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فِي الْمُكَاتَبَةِ مِنْ أَمَتِهِ بُدِئَ مِنْ تَرِكَتِهِ بِدُيُونِ الْأَجَانِبِ ثُمَّ بِدَيْنِ الْمَوْلَى إنْ كَانَ ثُمَّ بِالْمُكَاتَبَةِ، فَإِنْ أُدِّيَتْ حُكِمَ بِحَرِيَّتِهِ، وَالْبَاقِي مِيرَاثٌ بَيْنَ أَوْلَادِهِ، وَبَطَلَتْ وَصَايَاهُ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ، فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ، وَتَرَكَ أَلْفًا، وَعَلَيْهِ لِلْمَوْلَى أَلْفُ دِرْهَمٍ دَيْنٌ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ بُدِئَ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ اسْتِحْسَانًا وَفِي الْقِيَاسِ يَبْدَأُ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا إلَّا دَيْنًا عَلَى إنْسَانٍ فَاسْتَسْعَى الْوَلَدُ الْمَوْلُودُ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ، وَلَا دَيْنَ عَلَى الْمُكَاتَبِ سِوَاهَا فَعَجَزَ عَنْهُ، وَقَدْ أَيِسَ مِنْ الدَّيْنِ أَنْ يَخْرُجَ فَإِنَّهُ يُرَدُّ فِي الرِّقِّ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَجِنَايَةٌ وَبَدَلُ الْكِتَابَةِ وَمَهْرُ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا بِغَيْرِ إذْنِ الْمَوْلَى بُدِئَ بِالدَّيْنِ ثُمَّ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ ثُمَّ بِالْمَهْرِ الْأَقْوَى فَالْأَقْوَى، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَتْرُكْ مَالًا لَكِنْ تَرَكَ أَوْلَادًا وُلِدُوا فِي كِتَابَتِهِ سَعَى الْأَوْلَادُ فِيهَا عَلَى نَحْوِ مَا وَصَفْنَا؛ لِأَنَّ تَرْكَ وَلَدٍ يُؤَدِّي كَتَرْكِ مَالٍ يُؤَدَّى بِهِ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
مُكَاتَبٌ اشْتَرَى ابْنَهُ ثُمَّ مَاتَ، وَتَرَكَ وَفَاءً وَرِثَهُ ابْنُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ هُوَ وَابْنُهُ مُكَاتَبَيْنِ كِتَابَةً وَاحِدَةً، وَلَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَتَرَكَ مَالًا وَوَلَدًا كُوتِبَ مَعَهُ أَوْ وُلِدَ فِي كِتَابَتِهِ وَوَصِيًّا، فَالْوَصِيُّ يُؤَدِّي بَدَلَ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِهِ، وَيَعْتِقُ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ، وَوَرِثَهُ أَوْلَادُهُ، وَمَلَكَ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْعُرُوضِ، وَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْعَقَارِ وَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَلَا يَرِثُ الْوَلَدُ الْمَوْلُودُ مِنْ الْوَلَدِ الْحُرِّ إنْ مَاتَ الْوَلَدُ الْحُرُّ قَبْلَ أَدَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَمَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ مِنْ الصَّدَقَاتِ إلَى مَوْلَاهُ، وَعَجَزَ طَابَ لِسَيِّدِهِ، وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ الْأَدَاءِ إلَى الْمَوْلَى يَطِيبُ لِلْمَوْلَى عِنْدَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لَا يَطِيبُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ يَطِيبُ بِالْإِجْمَاعِ كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
عَبْدٌ جَنَى فَكَاتَبَهُ مَوْلَاهُ، وَهُوَ لَا يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ ثُمَّ عَجَزَ فَإِنَّهُ يَدْفَعُ أَوْ يُفْدِي، وَكَذَلِكَ مُكَاتَبٌ جَنَى فَلَمْ يَقْضِ بِهِ حَتَّى عَجَزَ، وَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ فِي كِتَابَتِهِ ثُمَّ عَجَزَ فَهُوَ دَيْنٌ يُبَاعُ فِيهِ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- وَهُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى الْآخَرِ كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَإِنْ صَالَحَ الْمُكَاتَبُ عَنْ دَمٍ عَمْدٍ أَقَرَّ بِهِ، وَلَمْ يُؤَدِّ بَدَلَ الصُّلْحِ حَتَّى عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ فَالصُّلْحُ فِي حَقِّ الْمَوْلَى فَاسِدٌ، وَلَا يُؤْخَذُ بِهِ إلَّا بَعْدَ الْعِتْقِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَعِنْدَهُمَا يُؤْخَذُ فِي الْحَالِ، وَإِنْ أَقَرَّ مُكَاتَبٌ بِأَنَّهُ افْتَضَّ بِالْأُصْبُعِ حُرَّةً أَوْ أَمَةً أَوْ صَبِيَّةً فَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا إقْرَارٌ بِالْجِنَايَةِ يُؤْخَذُ بِهِ مَا دَامَ مُكَاتَبًا فَإِذَا عَجَزَ لَمْ يُؤْخَذْ بِهِ.
ارْتَدَّ مُسْلِمٌ، وَلَهُ عَبْدٌ وَكَاتَبَهُ ابْنُهُ فَقُتِلَ الْمُرْتَدُّ بَطَلَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ.
مُكَاتَبٌ ارْتَدَّ، وَلَحِقَ بِدَارِ الْحَرْبِ يُوقَفُ أَمْرُهُ، فَإِنْ مَاتَ أُدِّيَ بَدَلُ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِهِ، وَقُسِّمَ مَا بَقِيَ بَيْنَ وَرَثَتِهِ، فَإِنْ عَادَ مُسْلِمًا يُسَلَّمُ مَالُهُ إلَيْهِ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا قَتَلَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ رَجُلًا خَطَأً قِيلَ لِلْمُكَاتَبِ ادْفَعْهُ أَوْ افْدِهِ بِالدِّيَةِ، وَإِذَا قَتَلَ عَبْدُهُ رَجُلًا عَمْدًا فَلَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ عَلَى مَالٍ يُؤَدِّيهِ لِتَسْلَمَ لَهُ نَفْسُهُ كَمَا لِلْحُرِّ ذَلِكَ فِي مِلْكِهِ ثُمَّ يُؤْخَذُ بِهِ وَإِنْ عَجَزَ، وَإِنْ جَنَتْ أَمَتُهُ جِنَايَةً خَطَأً فَبَاعَهَا أَوْ وَطِئَهَا فَوَلَدَتْ مِنْهُ، وَهُوَ يَعْلَمُ بِالْجِنَايَةِ فَهَذَا مِنْهُ اخْتِيَارٌ، وَعَلَيْهِ الْأَرْشُ، وَإِنْ قَتَلَهُ عَبْدٌ لَهُ عَمْدًا فَالْعَبْدُ فِي قَتْلِ مَوْلَاهُ عَمْدًا كَأَجْنَبِيٍّ آخَرَ فِي وُجُوبِ الْقِصَاصِ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ إذَا قَتَلَهُ عَبْدُهُ فَالْمُكَاتَبُ مِثْلُهُ ثُمَّ الْمُكَاتَبُ إذَا قُتِلَ عَمْدًا فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: إنْ لَمْ يَتْرُكْ وَفَاءً فَالْقِصَاصُ وَاجِبٌ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ تَرَكَ وَفَاءً، وَلَهُ وَارِثٌ سِوَى الْمَوْلَى فَلَا قِصَاصَ عَلَى الْقَاتِلِ لِاشْتِبَاهِ مِنْ يَسْتَوْفِيهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ اجْتَمَعَا لَمْ يَكُنْ لَهُمَا اسْتِيفَاءُ الْقِصَاصِ، وَإِنْ قُتِلَ، وَلَا وَارِثَ لَهُ سِوَى الْمَوْلَى فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- يَجِبُ الْقِصَاصُ لِمَوْلَاهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ جَنَى الْمُكَاتَبُ عَلَى مَوْلَاهُ أَوْ رَقِيقِ الْمَوْلَى كَانَتْ جِنَايَتُهُ مُعْتَبَرَةً، وَكَذَا جِنَايَةُ الْمَوْلَى عَلَى الْمُكَاتَبِ أَوْ رَقِيقِهِ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا اسْتَهْلَكَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ مَالًا فَهُوَ دَيْنٌ فِي عُنُقِهِ يُبَاعُ فِيهِ، وَإِنْ جَنَى عَبْدُهُ ثُمَّ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ فَهُوَ عَلَى خِيَارِهِ، وَإِنْ عَجَزَ فَالْخِيَارُ إلَى الْمَوْلَى، وَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ وَامْرَأَتُهُ مُكَاتَبَيْنِ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً، فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَقَتَلَهُ الْمَوْلَى وَقِيمَتُهُ أَكْثَرُ مِنْ الْكِتَابَةِ فَقِيمَتُهُ عَلَى مَوْلَاهُ فِي ثَلَاثِ سِنِينَ، وَإِنْ كَانَتْ الْكِتَابَةُ قَدْ حَلَّتْ قَاصَصَهُمْ بِهَا ثُمَّ عَلَى الْمَوْلَى أَدَاءُ فَضْلِ الْقِيمَةِ إلَى الْأُمِّ، وَرَجَعَتْ الْأُمُّ عَلَى الْأَبِ بِمَا أَدَّتْ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ لَمْ تَحِلَّ أَدَّى الْمَوْلَى الْقِيمَةَ إلَى الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ مُكَاتَبًا مَعَهُمَا فَقَتَلَهُ الْمَوْلَى ثُمَّ حَلَّتْ الْقِيمَةُ اُقْتُصَّ مِنْهَا بِقَدْرِ الْكِتَابَةِ إنْ كَانَتْ الْمُكَاتَبَةُ حَلَّتْ أَوْ لَمْ تَحِلَّ، وَيُؤَدَّى إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى فَضْلُ الْقِيمَةِ، وَالْأَبُ وَالْأُمُّ حِصَّتُهُمَا مِنْ الْمُكَاتَبَةِ ثُمَّ يُقَسَّمُ ذَلِكَ كُلُّهُ بَيْنَ وَرَثَةِ الِابْنِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ تَعَالَى، وَيَرِثُ أَبَوَاهُ مَعَهُمْ، وَإِذَا جَنَى الْمُكَاتَبُ جِنَايَةً خَطَأً فَإِنَّهُ يَسْعَى فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، فَإِنْ جَنَى جِنَايَةً أُخْرَى بَعْدَمَا حُكِمَ عَلَيْهِ بِالْأَقَلِّ فِي الْجِنَايَةِ الْأُولَى يَلْزَمْهُ بِالْجِنَايَةِ الثَّانِيَةِ أَيْضًا الْأَقَلُّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِنْ أَرْشِ الْجِنَايَةِ، وَإِنْ كَانَتْ الْجِنَايَةُ الثَّانِيَةُ قَبْلَ أَنْ يُحْكَمَ عَلَيْهِ بِمُوجَبِ الْجِنَايَةِ الْأُولَى فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا قِيمَةٌ وَاحِدَةٌ عِنْدَنَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا.
حَفَرَ الْمُكَاتَبُ بِئْرًا عَلَى قَارِعَةِ الطَّرِيقِ فَوَقَعَ فِيهَا إنْسَانٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ يَوْمَ حَفَرَ ثُمَّ إذَا وَقَعَ فِيهَا آخَرُ لَا يَلْزَمُهُ أَكْثَرُ مِنْ قِيمَةٍ وَاحِدَةٍ سَوَاءٌ حَكَمَ الْحَاكِمُ بِالْأُولَى أَوْ لَمْ يَحْكُمْ هَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
وَلَوْ سَقَطَ حَائِطٌ لَهُ مَائِلٌ قَدْ أَشْهَدَ فِيهِ عَلَى إنْسَانٍ فَقَتَلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْعَى فِي قِيمَتِهِ، وَإِنْ وُجِدَ فِي دَارِهِ قَتِيلٌ أُخِذَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ وُجِدَ الْقَتِيلُ فِيهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الْمُكَاتَبِ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ فَيَنْقُصُ حِينَئِذٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ، فَهِيَ دَيْنٌ فَيَنْقُصُ حِينَئِذٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ مِنْ الدِّيَةِ، وَإِنْ جَنَى جِنَايَةً ثُمَّ عَجَزَ، فَإِنْ كَانَ قَدْ قَضَى عَلَيْهِ بِالسِّعَايَةِ فَهِيَ دَيْنٌ عَلَيْهِ يُبَاعُ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَقْضِ بِهَا عَلَيْهِ خُيِّرَ الْمَوْلَى بَيْنَ الدَّفْعِ وَالْفِدَاءِ، وَإِنْ جَنَى عَلَيْهِ فَالْوَاجِبُ أَرْشُ الْمَمَالِيكِ، وَإِنْ قَتَلَ رَجُلًا عَمْدًا، فَعَلَيْهِ الْقَوَدُ، وَإِنْ قَتَلَ ابْنَ الْمُكَاتِبِ أَوْ عَبَدَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَى الْقَاتِلِ، وَلَكِنْ عَلَى الْقَاتِلِ الْقِيمَةُ لَمَّا تَعَذَّرَ إيجَابُ الْقِصَاصِ، وَهُوَ لِلْمُكَاتِبِ بِمَنْزِلَةِ سَائِرِ أَكْسَابِهِ، وَإِنْ عَفَوْا فَعَفَوْهُمَا بَاطِلٌ، وَإِنْ قَتَلَ الْمَوْلَى مُكَاتَبَهُ خَطَأً أَوْ عَمْدًا وَقَدْ تَرَكَ وَفَاءً فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ يَقْضِي بِهَا كِتَابَتَهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَتَلَ ابْنَهُ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمُكَاتَبُ بِجِنَايَةٍ خَطَأً أَوْ عَمْدًا فَلَا قِصَاصَ فِيهِ وَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ مَا دَامَ مُكَاتَبًا، وَإِنْ عَجَزَ، وَرُدَّ فِي الرِّقِّ بَطَلَتْ عَنْهُ قُضِيَ عَلَيْهِ أَوْ لَمْ يُقْضَ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَذَكَرَ فِي كِتَابِ الْجِنَايَاتِ أَنَّ أَبَا يُوسُفَ وَمُحَمَّدًا رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى قَالَا: يُؤْخَذُ بِمَا قُضِيَ عَلَيْهِ مِنْهَا خَاصَّةً، وَمَا أَدَّاهُ قَبْلَ الْعَجْزِ لَمْ يَسْتَرِدَّهُ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَيُؤْخَذُ الْمُكَاتَبُ بِأَسْبَابِ الْحُدُودِ الْخَالِصَةِ وَغَيْرِهِمَا نَحْوُ الزِّنَا وَالسَّرِقَةِ وَالشُّرْبِ وَالسُّكْرِ وَالْقَذْفِ؛ لِأَنَّ الْقِنَّ مَأْخُوذٌ بِهَا فَالْمُكَاتَبُ أَوْلَى، وَلَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَا لَا يُقْطَعُ فِي سَرِقَتِهِ مِنْ ابْنِ مَوْلَاهُ، وَلَا مِنْ امْرَأَةِ مَوْلَاهُ، وَلَا مِنْ كُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَا لَوْ سَرَقَ وَاحِدٌ مِنْ هَؤُلَاءِ مِنْ الْمُكَاتَبِ لَا يُقْطَعُ، وَلَوْ سَرَقَ مِنْهُ أَجْنَبِيٌّ يُقْطَعُ بِخُصُومَتِهِ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ.
فَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ رُدَّ فِي الرِّقِّ فَاشْتَرَاهُ ذَلِكَ الرَّجُلُ لَمْ يُقْطَعْ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ رَجُلٍ، وَلِذَلِكَ الرَّجُلِ عَلَيْهِ دَيْنٌ، فَإِنَّهُ يُقْطَعُ، فَإِنْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ فَطَلَب الْمَسْرُوقُ مِنْهُ دَيْنَهُ فَقَضَى الْقَاضِي أَنْ يُبَاعَ لَهُ فِي دَيْنِهِ وَقَدْ أَبَى الْمَوْلَى أَنْ يَفْدِيَهُ فَإِنَّهُ يُقْطَعُ فِي الْقِيَاسِ، وَإِنْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مُكَاتَبٍ آخَرَ لِمَوْلَاهُ لَمْ يُقْطَعْ كَمَا لَوْ سَرَقَ مِنْ مَوْلَاهُ وَكَذَلِكَ إنْ سَرَقَ مِنْ عَبْدٍ كَانَ بَيْنَ مَوْلَاهُ وَبَيْنَ آخَرَ، وَقَدْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى نَصِيبَهُ مِنْهُ، وَإِذَا سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مُضَارِبِ مَوْلَاهُ مِنْ مَالِ الْمُضَارَبَةِ لَا يُقْطَعُ، وَكَذَلِكَ لَوْ سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مَالَ رَجُلٍ لِمَوْلَاهُ عَلَيْهِ مِثْلُ ذَلِكَ دَيْنٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ مَاتَ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ قِيلَ لَهُ أَدِّ الْمَالَ إلَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى عَلَى نُجُومِهِ، فَإِنْ حَرَّرُوهُ عَتَقَ وَسَقَطَ مَالُ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ أَعْتَقَهُ أَحَدُ الْوَرَثَةِ لَا يَنْفُذُ عِتْقُهُ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَلَدٍ حُرٍّ فَجَاءَ رَجُلٌ بِوَدِيعَةٍ فَقَالَ هَذِهِ لِلْمُكَاتَبِ فَإِنَّهُ تُؤَدَّى مِنْهَا الْمُكَاتَبَةُ ثُمَّ إقْرَارُ الرَّجُلِ الْوَدِيعَةِ لِلْمُكَاتَبِ صَحِيحٌ فِي حَقِّهِ فَتُؤَدَّى مِنْهَا الْمُكَاتَبَةُ، وَلَكِنْ لَا يُصَدَّقُ عَلَى جَرِّ الْوَلَاءِ قَالَ: أَرَأَيْت لَوْ قَالَ الْمَوْلَى بِنَفْسِهِ: هَذِهِ وَدِيعَةٌ عِنْدِي لِلْمُكَاتَبِ أَوْ أَقَرَّ بِدَيْنٍ مِثْلِ الْكِتَابَةِ أَوْ قَالَ: قَدْ كُنْت اسْتَوْفَيْت الْكِتَابَةَ قَبْلَ مَوْتِهِ أَكَانَ يُصَدَّقُ فِي جَرِّ وَلَاءِ الْوَلَدِ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ، وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّهُ إنْ تَبَرَّعَ إنْسَانٌ عَنْهُ بِقَضَاءِ الدَّيْنِ بَعْدَ مَوْتِهِ لَا يُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَإِذَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ أُمَّ وَلَدٍ، وَلَيْسَ مَعَهَا وَلَدٌ بِيعَتْ فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَلَدٌ سَعَتْ فِيهَا إلَى الْأَجَلِ الَّذِي كَانَ لِلْمُكَاتَبِ صَغِيرًا كَانَ وَلَدُهَا أَوْ كَبِيرًا، وَإِنْ كَانَ تَرَكَ مَالًا لَمْ يُؤَخَّرْ إلَى أَجَلِهِ، وَصَارَ حَالًّا فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- حَالُ أُمِّ الْوَلَدِ بِغَيْرِ الْوَلَدِ كَحَالِهَا مَعَ الْوَلَدِ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ حَتَّى تَسْعَى فِيهَا إلَى الْأَجَلِ، وَإِذَا تَرَكَ الْمُكَاتَبُ وَلَدَيْنِ وُلِدَا لَهُ فِي الْمُكَاتَبَةِ، وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَمُكَاتَبَةٌ سَعَيَا فِي جَمِيعِ ذَلِكَ، وَأَيُّهُمَا أَدَّاهُ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ، وَأَيُّهُمَا أَعْتَقَهُ الْمَوْلَى عَتَقَ كَمَا لَوْ أَعْتَقَهُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، وَعَلَى الْآخَرِ أَنْ يَسْعَى فِي جَمِيعِ الْمُكَاتَبَةِ الَّتِي بَقِيَتْ عَلَى الْأَبِ، وَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا أَيَّهُمَا شَاءُوا بِجَمِيعِ الدِّينِ، وَلَا يَرْجِعْ الَّذِي يُؤَدِّي مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً ثُمَّ إنَّ أَحَدَهُمَا عَجَزَ، وَرَدَّهُ الْمَوْلَى أَوْ قَدَّمَهُ إلَى الْقَاضِي فَرَدَّهُ الْقَاضِي، وَلَا يَعْلَمُ الْقَاضِي بِمُكَاتَبَةِ الْآخَرِ مَعَهُ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ رَدُّهُ لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا عَاجِزًا فَالْكِتَابَةُ لَا تَنْفَسِخُ، فَإِنْ غَابَ هَذَا الَّذِي رُدَّ فِي الرِّقِّ بِسَبَبِ عَجْزِهِ وَجَاءَ الْآخَرُ وَاسْتَسْعَاهُ الْمَوْلَى فِي نَجْمٍ أَوْ فِي نَجْمَيْنِ فَعَجَزَ فَأَرَادَ أَنْ يَرُدَّهُ أَوْ الْقَاضِي فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلَيْنِ كَاتَبَا عَبْدًا مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً فَغَابَ أَحَدُهُمَا وَقَدَّمَ الشَّاهِدُ الْعَبْدَ إلَى الْقَاضِي وَقَدْ عَجَّزَهُ لَا يَرُدُّهُ فِي الرِّقِّ حَتَّى يَجْتَمِعَ الْمَوْلَيَانِ جَمِيعًا، وَهَذَا بِخِلَافِ رَجُلَيْنِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَبْدٌ عَلَى حِدَةٍ كَاتَبَاهُمَا كِتَابَةً وَاحِدَةً ثُمَّ عَجَزَ أَحَدُهُمَا كَانَ لِمَوْلَاهُ أَنْ يَفْسَخَ الْكِتَابَةَ، وَإِنْ كَانَ مَوْلَى الْآخَرِ غَائِبًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ، وَلَوْ كَانَ الْمَوْلَى وَاحِدًا فَمَاتَ عَنْ وَرَثَةٍ كَانَ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَرُدَّهُ فِي الرِّقِّ بِقَضَاءِ الْقَاضِي وَلَكِنْ لَوْ رَدَّهُ بِغَيْرِ قَضَاءٍ لَمْ يَصِحَّ ذَلِكَ مِنْهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ هُوَ الْمَيِّتُ، وَتَرَكَ وَلَدَيْنِ وُلِدَا فِي الْمُكَاتَبَةِ لَمْ يَسْتَطِعْ الْمَوْلَى أَنْ يَرُدَّ وَاحِدًا مِنْهُمَا فِي الرِّقِّ، وَالْآخَرُ غَائِبٌ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَإِذَا اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ عَبْدًا مِنْ مَوْلَاهُ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَى الْبَائِعِ، فَإِنْ عَجَزَ ثُمَّ وَجَدَ السَّيِّدُ بِهِ عَيْبًا وَقَدْ اشْتَرَاهُ الْمُكَاتَبُ مِنْ غَيْرِ السَّيِّدِ فَلِسَيِّدِهِ أَنْ يَرُدَّهُ بِالْعَيْبِ.
مُكَاتَبٌ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ بَاعَهُ مِنْ سَيِّدِهِ ثُمَّ عَجَزَ فَوَجَدَ بِهِ السَّيِّدُ عَيْبًا لَمْ يَسْتَطِعْ رَدَّهُ عَلَى عَبْدِهِ، وَلَا يَرُدُّهُ عَلَى بَائِعِهِ مِنْ عَبْدِهِ، وَكَذَلِكَ إنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ الْعَجْزِ ثُمَّ وَجَدَ السَّيِّدُ بِالْعَبْدِ عَيْبًا لَمْ يَرُدُّهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
إذَا مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ فَقَذَفَهُ إنْسَانٌ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ.
الْمُكَاتَبُ إذَا تَزَوَّجَ بِنْتَ مَوْلَاهُ ثُمَّ مَاتَ الْمَوْلَى لَا يَفْسُدُ النِّكَاحُ، فَإِنْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ تَرَكَ وَفَاءً لَا يَبْطُلُ النِّكَاحُ، وَإِنْ لَمْ يَتْرُكْ بَطَلَ، فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ الدُّخُولِ لَا تَجِبُ الْعِدَّةُ، وَلَا الْمَهْرُ، وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الدُّخُولِ يَجِبُ عَلَيْهَا الِاعْتِدَادُ بِثَلَاثِ حِيَضٍ، وَيَجِبُ الْمَهْرُ، وَإِنْ كَانَ مَعَهَا وَارِثٌ آخَرُ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا مَاتَ عَبْدُ الْمُكَاتَبِ فَالْمُكَاتَبُ أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ إلَّا أَنَّهُ إنْ كَانَ حَضَرَ مَوْلَاهُ فَيَنْبَغِي لَهُ أَنْ يُقَدِّمَهُ لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ أَعْلَم.

.(الْبَابُ التَّاسِعُ فِي الْمُتَفَرِّقَاتِ):

الْمُكَاتَبُ لَا يُحْبَسُ فِي دَيْنِ مَوْلَاهُ فِي الْكِتَابَةِ وَفِيمَا سِوَى دَيْنِ الْكِتَابَةِ قَوْلَانِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
فِي الْيَتِيمَةِ سُئِلَ عَلِيُّ بْنُ أَحْمَدَ عَمَّنْ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ قَالَ لِلْبَائِعِ: قَدْ كُنْت كَاتَبْته بِعِشْرِينَ دِينَارًا، وَأَنْكَرَ الْبَائِعُ ذَلِكَ هَلْ يَكُونُ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ: لَا كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
عَبْدٌ كَافِرٌ بَيْنَ مُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ فَكَاتَبَ الذِّمِّيُّ نَصِيبَهُ بِإِذْنِ شَرِيكِهِ عَلَى خَمْرٍ تَجُوزُ الْمُكَاتَبَةُ فِي قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا تَجُوزُ فِي قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى-، وَلَا يَضْمَنُ لِلْمُسْلِمِ مَا أَخَذَ النَّصْرَانِيُّ مِنْ الْخَمْرِ سَوَاءٌ كَاتَبَ بِإِذْنِهِ أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ كَاتَبَاهُ جَمِيعًا عَلَى خَمْرٍ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً لَمْ تَجُزْ فِي نَصِيبِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَإِنْ أَدَّى إلَيْهِمَا عَتَقَ لِوُجُودِ الشَّرْطِ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلْمُسْلِمِ وَلِلذِّمِّيِّ نِصْفُ الْخَمْرِ، وَلَوْ أَنَّ ذِمِّيَّيْنِ كَاتِبَا عَبْدًا عَلَى خَمْرٍ ثُمَّ أَسْلَمَ أَحَدُهُمَا فَلَهُمَا جَمِيعًا قِيمَةُ الْخَمْرِ يَوْمَ أَسْلَمَ فَإِذَا قَبَضَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْقِيمَةِ كَانَ الْمَقْبُوضُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا، وَالْبَاقِي مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا كَمَا لَوْ قَبَضَ أَحَدُهُمَا الْخَمْرَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
رَجُلٌ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ صَارَ نِصْفُهُ مُكَاتَبًا لَا غَيْرَ فَإِذَا أَرَادَ الْعَبْدُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْمِصْرِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِذَا أَرَادَ أَنْ يَسْتَخْدِمَهُ يَوْمًا، وَيُخَلِّي عَنْهُ يَوْمًا فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْقِيَاسِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ لَا تَعَرُّضَ لَهُ فِي شَيْءٍ حَتَّى يُؤَدِّيَ أَوْ يَعْجِزَ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ كَاتَبَ نِصْفَ أَمَتِهِ فَاسْتَدَانَتْ دَيْنًا سَعَتْ فِي جَمِيعِ الدَّيْنِ، فَإِنْ عَجَزَتْ كَانَ جَمِيعُ الدَّيْنِ فِي جَمِيعِ رَقَبَتِهَا تُبَاعُ فِي ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَتْ لِشَرِيكَيْنِ وَكَاتَبَهَا أَحَدُهُمَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَاسْتَدَانَتْ دَيْنًا ثُمَّ عَجَزَتْ فَالدَّيْنُ فِي جَمِيعِ رَقَبَتِهَا تُبَاعُ فِيهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَفِي نَوَادِرِ إبْرَاهِيمَ عَنْ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدًا لِغَيْرِهِ بِغَيْرِ أَمْرِ صَاحِبِ الْعَبْدِ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ حَطَّ عَنْهُ خَمْسَمِائَةٍ، فَبَلَغَ الْمَوْلَى فَأَجَازَ قَالَ: فَالْكِتَابَةُ بِخَمْسِمِائَةٍ، وَلَوْ كَانَ وَهَبَ لَهُ الْأَلْفَ ثُمَّ أَجَازَ الْمَوْلَى، فَالْهِبَةُ بَاطِلَةٌ وَالْكِتَابَةُ بِأَلْفٍ كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثًا فَوَلَدَتْ فِي مُدَّةِ الْخِيَارِ، وَمَاتَتْ، وَبَقِيَ الْوَلَدُ بَقِيَ خِيَارُهُ وَعَقْدُ الْكِتَابَةِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى وَلَهُ أَنْ يُجِيزَهَا، وَإِذَا أَجَازَ سَعَى الْوَلَدُ عَلَى نُجُومِ أُمِّهِ، وَإِذَا أَدَّى عَتَقَتْ الْأُمُّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا وَعَتَقَ وَلَدُهَا، وَهَذَا اسْتِحْسَانٌ كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِذَا كَاتَبَ عَبْدَهُ عَلَى نَفْسِهِ وَأَوْلَادِهِ الصِّغَارِ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَمَاتَ بَعْضُ أَوْلَادِهِ ثُمَّ أَجَازَ الْكِتَابَةَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَ عَبْدَيْنِ لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ فَمَاتَ أَحَدُهُمَا ثُمَّ أَجَازَ الْكِتَابَةَ جَازَ، وَلَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ بَدَلِ الْكِتَابَةِ، وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَهُ عَلَى أَنَّهَا بِالْخِيَارِ، فَوَلَدَتْ فَأَعْتَقَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ فَهِيَ عَلَى خِيَارِهَا، وَإِنْ أَجَازَتْ الْكِتَابَةَ نَفَذَتْ وَلَكِنْ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْ الْبَدَلِ، وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمَوْلَى، فَأَعْتَقَ الْأُمَّ لَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ مَعَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْخِيَارُ لَهَا، وَأَعْتَقَهَا الْمَوْلَى يُعْتَقُ مَعَهَا وَلَدُهَا هَكَذَا فِي الْمُحِيطِ.
مُكَاتَبَانِ كُوتِبَا مَعًا كِتَابَةً وَاحِدَةً وَلَهُمَا أَمَةٌ فَوَلَدَتْ فَادَّعَيَاهُ مَعًا ثُمَّ مَاتَا عَنْ وَفَاءٍ مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا فَأُدِّيَتْ كِتَابَتُهُمَا وَرِثَهُمَا، وَإِنْ كَانَتْ كِتَابَتُهُمَا مُتَفَرِّقَةً وَأُدِّيَتْ مَعًا لَا يَرِثْ وَاحِدًا مِنْهُمَا.
مَجْهُولٌ النَّسَبِ كَاتَبَ عَبْدَهُ فَاشْتَرَى الْمُكَاتَبُ أَمَةً وَكَاتَبَهَا فَأَقَرَّ مَجْهُولُ النَّسَبِ بِالرِّقِّ عَلَى نَفْسِهِ لِمُكَاتَبَةِ مُكَاتَبِهِ فَصَدَقَته صَحَّ إقْرَارُهُ، وَصَارَ هُوَ مَعَ مُكَاتَبِهِ مِلْكًا لِمُكَاتَبَتِهِ، وَبَقِيَتْ كِتَابَتُهُمَا حَتَّى تَعَلَّقَ عِتْقُ كُلِّ وَاحِدٍ بِالْأَدَاءِ إلَى صَاحِبِهِ، فَإِنْ أَدَّيَا مَعًا أَوْ حَلَّ النَّجْمَانِ مَعًا وَوَقَعَتْ الْمُقَاصَّةُ عَتَقَا، وَلَا وَلَاءَ لِأَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ إنْ تَقَدَّمَ أَحَدُهُمَا فَلَهُ وَلَاءُ الْآخَرِ، وَلَا وَلَاءَ عَلَيْهِ، وَإِنْ عَجَزَا مَعًا عَتَقَتْ وَمَلَكَتْهُمَا، وَإِنْ سَبَقَ عَجْزُ أَحَدِهِمَا عَتَقَ الْآخَرُ وَمَلَكَهُمَا كَذَا فِي الْكَافِي.
وَإِنْ مَاتَ الْمَوْلَى عَنْ مُكَاتَبِهِ وَلَهُ وَرَثَةٌ ذُكُورٌ وَإِنَاثٌ ثُمَّ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ فَإِنَّهُ تُؤَدَّى كِتَابَتُهُ فَيَكُونُ ذَلِكَ بَيْنَ جَمِيعِ وَرَثَةِ الْمَوْلَى وَمَا فَضَلَ عَنْهَا فَلِلذُّكُورِ مِنْهُمْ دُونَ الْإِنَاثِ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ وَارِثٌ سِوَى وَرَثَةِ الْمَوْلَى، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَمُتْ الْمُكَاتَبُ حَتَّى أَدَّى الْمُكَاتَبَةَ إلَيْهِمْ أَوْ وَهَبُوهَا لَهُ، وَأَعْتَقُوهُ ثُمَّ مَاتَ فَمِيرَاثُهُ لِلذُّكُورِ مِنْ وَرَثَةِ الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَلَدَتْ أَمَةُ مُكَاتَبِهِ وَقَدْ حَبِلَتْ فِي مِلْكِهِ فَادَّعَى سَيِّدُهُ نَسَبَ الْوَلَدِ وَصَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ يَثْبُتُ النَّسَبُ كَمَا إذَا ادَّعَى وَلَدَ أَمَةِ الْأَجْنَبِيِّ وَصَدَّقَهُ الْأَجْنَبِيُّ، وَعَلَيْهِ عُقْرُهَا وَقِيمَةُ وَلَدِهِ فَيَكُونُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ، وَلَمْ تَصِرْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدِهِ، وَإِنْ كَذَّبَهُ الْمُكَاتَبُ فِي النَّسَبِ لَمْ يَثْبُتْ، وَلَوْ مَلَكَهُ يَوْمًا ثَبَتَ نَسَبُهُ مِنْهُ لِقِيَامِ الْمُوجِبِ وَزَوَالِ الْمَانِعِ، وَهُوَ حَقُّ الْمُكَاتَبِ، وَلَا يَجُوزُ لِلْمَوْلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا، وَإِنْ اشْتَرَى الْمُكَاتَبُ زَوْجَةَ سَيِّدِهِ بَقِيَ نِكَاحُهَا، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَهَا الْمُكَاتَبُ إنْ صَدَّقَهُ ثَبَتَ النَّسَبُ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، وَلَا يَجِبُ الْعُقْرُ، وَكَذَلِكَ الْمُكَاتَبُ إذَا اشْتَرَى عَبْدًا وَادَّعَى الْمَوْلَى نَسَبَهُ وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ، وَلَا يَعْتِقُ.
وَلَدَتْ مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ فَادَّعَاهُ سَيِّدُ الْمُكَاتَبِ وَحَمْلُهَا بَعْدَ كِتَابَتِهَا إنْ صَدَّقَتْهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَيُحْمَلْ عَلَى أَنَّهَا وَلَدَتْ مِنْهُ بِحُكْمِ النِّكَاحِ الْفَاسِدِ، وَلَا يَعْتِقُ الْوَلَدُ قَبْلَ عَجْزِهَا وَعَتَقَ بَعْدَ الْعَجْزِ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ عَجْزِهَا صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ أَوْ كَذَّبَهُ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ كُوتِبَتْ فَادَّعَاهُ مَوْلَى الْمُكَاتَبِ وَصَدَّقَهُ عَتَقَ بِقِيمَتِهِ مُذْ وَلَدَتْ وَعُقْرُهَا لِلْمُكَاتَبِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ لَا يَثْبُتْ، وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمُكَاتَبُ إلَّا إذَا كَبِرَ الْوَلَدُ وَصَدَّقَ أَوْ عَجَزَتْ وَالْمُكَاتَبُ مُصَدِّقٌ.
مُكَاتَبٌ كَاتَبَ أَمَتَهُ، وَأَدَّى فَعَتَقَ فَوَلَدَتْ وَلَدًا لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةٍ أَشْهُرٍ مُذْ كَاتَبَهَا فَادَّعَاهُ مَوْلَاهُ، وَصَدَّقَهُ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَعَتَقَ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْوِلَادَةِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ كَاتَبَهَا فَادَّعَاهُ مَوْلَاهُ لَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ لِعَدَمِ الْغُرُورِ إلَّا إذَا عَجَزَتْ فَحِينَئِذٍ يَصِيرُ الْوَلَدُ حُرًّا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ كُوتِبَتْ، وَلِأَقَلَّ مِنْهَا مُذْ عَتَقَ فَالْجَوَابُ فِيهِ كَالْجَوَابِ فِيمَا إذَا وَلَدَتْ قَبْلَ عِتْقِهِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَصَاعِدًا مُذْ عَتَقَ وَزَعَمَ السَّيِّدُ أَنَّهُ وُلِدَ بِوَطْءٍ بَعْدَ الْعِتْقِ لَمْ يَثْبُتْ نَسَبُهُ، وَإِنْ صُدِّقَ فَكَانَ زَانِيًا لِعَدَمِ حَقِّ الْمِلْكِ، وَتَأْوِيلُهُ فَكَانَ كَالْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ نَكَحَهَا بَعْدَ عِتْقِ الْمُكَاتَبِ إنْ صَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ لِوُجُودِ شُبْهَةِ النِّكَاحِ، وَتُكَاتَبُ الْوَلَدُ تَبَعًا لِأُمِّهِ، فَإِنْ عَجَزَتْ فَهُمَا رَقِيقَانِ، وَإِنْ كَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتْ النَّسَبُ إلَّا إذَا عَجَزَتْ، وَهُوَ مُصَدَّقٌ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، وَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ وُلِدَ بِوَطْءٍ كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ إنْ صَدَّقَاهُ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، وَإِنْ عَجَزَتْ أَخَذَ الْمَوْلَى الْوَلَدَ حُرًّا بِالْقِيمَةِ، وَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَتْ مَعَ وَلَدِهَا وَكَذَا إنْ صَدَقَتْ وَكَذَبَ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ ثَبَتَ النَّسَبُ وَالْوَلَدُ رَقِيقٌ، وَإِنْ عَجَزَتْ، وَإِنْ صَدَقَ الْمُكَاتَبُ الْحُرُّ أَنَّ وَطْءَ الْمَوْلَى كَانَ قَبْلَ الْعِتْقِ وَكَذَّبَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ لَا يَثْبُتْ النَّسَبُ، وَبَعْدَ عَجْزِهَا يَثْبُتُ، وَيُعْتَقُ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ عَجْزِهَا، وَصَارَتْ الْمُكَاتَبَةُ أَمَةً لِلْمُكَاتَبِ.
مُكَاتَبَةُ الْمُكَاتَبِ مَلَكَتْ أَمَةً فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَادَّعَاهُ سَيِّدُهُ وَصَدَّقَتْهُ الْمُكَاتَبَةُ يَثْبُتُ النَّسَبُ، وَلَا يُعْتَقُ الْوَلَدُ، فَإِنْ عَجَزَتْ، وَوَلَدَتْ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَتْ، فَهُوَ حُرٌّ بِقِيمَتِهِ يَوْمَ الْعَجْزِ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَا يُعْتَقْ فَلَوْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ قَبْلَ عَجْزِهَا أَوْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ عَنْ وَفَاءٍ فَأَدَّى فَعَجَزَتْ الْمُكَاتَبَةُ فَالْجَوَابُ فِيهِ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا إذَا لَمْ يُعْتَقْ، وَإِنْ وَلَدَتْ لِأَكْثَرَ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مُذْ مَلَكَتْهَا الْمُكَاتَبَةُ عَتَقَ الْوَلَدُ وَإِلَّا لَا، وَلَوْ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ الْأَوَّلُ قَبْلَهَا أَوْ مَاتَ عَاجِزًا صَارَتْ دَعْوَتُهُ كَدَعْوَةِ وَلَدِ أَمَةِ مُكَاتَبِهِ، وَحُكْمُهُ قَدْ مَرَّ كَذَا فِي الْكَافِي.
جَارِيَةٌ بَيْنَ مُكَاتَبٍ وَحُرٍّ وَلَدَتْ فَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ فَالْوَلَدُ وَلَدُهُ، وَالْجَارِيَةُ أُمُّ وَلَدِهِ وَيَضْمَنُ نِصْفَ عُقْرِهَا لِلْمَوْلَى وَنِصْفَ قِيمَتِهَا لِلْحُرِّ يَوْمَ عَلِقَتْ مِنْهُ، وَلَا يَضْمَنُ مِنْ قِيمَةِ الْوَلَدِ شَيْئًا، فَإِنْ ضَمِنَ ذَلِكَ ثُمَّ عَجَزَ كَانَتْ الْجَارِيَةُ وَوَلَدُهَا مَمْلُوكَيْنِ لِلْمَوْلَى، وَإِنْ لَمْ يُخَاصِمْهُ، وَلَمْ يُضَمِّنْهُ شَيْئًا حَتَّى عَجَزَ كَانَ نِصْفُ الْجَارِيَةِ وَنِصْفُ الْوَلَدِ لِشَرِيكِهِ الْحُرِّ وَلَكِنْ عَلَيْهِ نِصْفُ الْعُقْرِ، فَإِنْ كَانَتْ مُكَاتَبَةً بَيْنَهُمَا وَادَّعَى الْمُكَاتَبُ وَلَدَهَا جَازَتْ الدَّعْوَةُ، وَهِيَ بِالْخِيَارِ إنْ شَاءَتْ مَضَتْ عَلَى الْكِتَابَةِ، وَأَخَذَتْ الْعُقْرَ مِنْ الْمُكَاتَبِ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا، وَإِنْ شَاءَتْ عَجَزَتْ، وَضَمِنَ الْمُكَاتَبُ لِشَرِيكِهِ نِصْفَ قِيمَتِهَا وَنِصْفَ عُقْرِهَا، فَإِنْ كَانَا ادَّعَيَا الْوَلَدَ، فَالدَّعْوَةُ دَعْوَةُ الْحُرِّ، فَإِنْ اخْتَارَتْ الْمُضِيَّ عَلَى الْكِتَابَةِ ثُمَّ مَاتَ الْحُرُّ سَقَطَ نَصِيبُ الْحُرِّ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ عَنْهَا وَسَعَتْ فِي أَقَلَّ مِنْ حِصَّةِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمُكَاتَبَةِ وَمِنْ نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَهَذَا قَوْلُ مُحَمَّدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَأَمَّا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا، وَإِنْ اخْتَارَتْ الْعَجْزَ سَعَتْ فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا إنْ كَانَ الْمُعْتِقُ مُعْسِرًا، وَإِنْ كَانَ مُوسِرًا ضَمِنَ نِصْفَ الْقِيمَةِ لِلْمُكَاتَبِ ثُمَّ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهَا بِمَا ضَمِنَ، فَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ وَطِئَهَا أَوَّلًا فَوَلَدَتْ لَهُ ثُمَّ وَطِئَهَا الْحُرُّ فَوَلَدَتْ لَهُ فَادَّعَيَا الْوَلَدَيْنِ مَعًا، وَلَمْ يُعْلَمْ إلَّا بِقَوْلِهِمَا فَوَلَدُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهُ بِغَيْرِ قِيمَتِهِ، وَيَغْرَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لَهَا الصَّدَاقَ، وَهِيَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الْعَجْزِ وَالْمُضِيِّ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ، فَإِنْ عَجَزَتْ كَانَتْ أُمَّ وَلَدٍ لِلْحُرِّ خَاصَّةً، وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ ثَابِتُ النَّسَبِ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَتِهِ لِلْحُرِّ، فَإِنْ عَجَزَتْ وَعَجَزَ الْمُكَاتَبُ مَعَهَا كَانَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ رَقِيقًا بَيْنَ مَوْلَاهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ، وَإِنْ كَانَ وَطْءُ الْمُكَاتَبِ بَعْدَ وَطْءِ الْحُرِّ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لِلْحُرِّ، وَوَلَدُ الْمُكَاتَبِ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ لَا يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَسْتَحْسِنُ أَنْ أُثْبِتَ نَسَبَهُ، وَهُوَ لِلْحُرِّ بِمَنْزِلَةِ أُمِّهِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ وَطِئَ الْمُكَاتَبُ أَمَةَ ابْنِهِ، وَالْوَلَدُ حُرٌّ أَوْ مُكَاتَبٌ بِعَقْدٍ عَلَى حِدَةٍ لَمْ يَثْبُتْ النَّسَبُ مِنْ الْمُكَاتَبِ إلَّا بِتَصْدِيقِ الِابْنِ، فَإِنْ عَتَقَ الْمُكَاتَبُ وَمَلَكَ هَذَا الْوَلَدَ يَوْمًا مِنْ الدَّهْرِ مَعَ الْجَارِيَةِ يَثْبُتْ نَسَبُ الْوَلَدِ مِنْهُ وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ أُمَّ وَلَدٍ، وَإِنْ كَانَ الِابْنُ قَدْ وُلِدَ لِلْمُكَاتَبِ فِي حَالِ مُكَاتَبَتِهِ أَوْ كَانَ الْمُكَاتَبُ قَدْ اشْتَرَاهُ فَوَلَدَتْ أَمَةُ هَذَا الِابْنِ وَلَدًا، وَادَّعَاهُ الْمُكَاتَبُ صَحَّتْ دَعْوَتُهُ وَصَارَتْ الْأَمَةُ أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، وَلَا يَضْمَنُ مَهْرَهَا، وَلَا قِيمَتَهَا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
فِي بَابِ ثُبُوتِ النَّسَبِ.
وَلَا تَجُوزُ مُكَاتَبَةُ مَا فِي الْبَطْنِ وَإِنْ قَبِلَتْهَا الْأُمُّ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ إنْ تَوَلَّى قَبُولَ ذَلِكَ حُرٌّ عَلَى مَا فِي الْبَطْنِ وَضَمِنَهُ إلَّا أَنَّ الْمَوْلَى إنْ كَانَ قَالَ لِلْحُرِّ: إذَا أَدَّيْت إلَيَّ أَلْفًا فَهُوَ حُرٌّ فَأَدَّاهُ عَتَقَ إذَا وَضَعَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ حَتَّى يُتَيَقَّنَ بِوُجُودِهِ فِي الْبَطْنِ يَوْمئِذٍ ثُمَّ يَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَالِ بِمَالِهِ، وَإِذَا وَهَبَ الْمُكَاتَبُ هِبَةً أَوْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَهُوَ بَاطِلٌ، فَإِنْ عَتَقَ بِالْأَدَاءِ رُدَّتْ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ حَيْثُ كَانَتْ، وَإِنْ اسْتَهْلَكَ الْمَوْهُوبَ لَهُ وَالْمُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لِقِيمَتِهِ بِاسْتِهْلَاكِهِ مَالًا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ يُسْتَوْفَى ذَلِكَ مِنْ الْمُكَاتَبِ فِي حَالِ قِيَامِ الْكِتَابَةِ وَبَعْدَ الْعِتْقِ وَيَسْتَوْفِيه الْمَوْلَى بَعْدَ عَجْزِ الْمُكَاتَبِ بِالطَّرِيقِ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي كَسْبِهِ خَلَصَ لَهُ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ ضَمَانِ الْمُكَاتَبِ.
قَالَ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الزِّيَادَاتِ مُكَاتَبَانِ بَيْنَهُمَا جَارِيَةٌ جَاءَتْ بِوَلَدٍ فَادَّعَيَاهُ يَثْبُتُ نَسَبُهُ مِنْهُمَا، وَيَصِيرُ الْوَلَدُ مُكَاتَبًا مَعَهُمَا دَاخِلًا فِي كِتَابَتِهِمَا، وَتَصِيرُ الْجَارِيَةُ بِمَنْزِلَةِ أُمِّ الْوَلَدِ يَمْتَنِعُ بَيْعُهَا كَمَا يَمْتَنِعُ بَيْعُ أُمِّ وَلَدِ الْحُرِّ، فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا بَدَلَ الْكِتَابَةِ عَتَقَ لِوُجُودِ شَرْطِ الْعِتْقِ فِي حَقِّهِ، وَهُوَ الْأَدَاءُ وَعَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الْوَلَدِ تَبَعًا لَهُ، وَبَقِيَ نَصِيبُ الْآخَرِ مُكَاتَبًا مَعَ الْآخَرِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا ضَمَانَ فِي الْوَلَدِ، وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- إذَا أَدَّى أَحَدُهُمَا عَتَقَ نَصِيبُهُ مِنْ الْوَلَدِ وَعَتَقَ الْبَاقِي مِنْ الْوَلَدِ أَيْضًا، وَلَا ضَمَانَ فِي الْوَلَدِ، وَلَا سِعَايَةَ عَلَيْهِ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي عَتَقَ، وَعَلَيْهِ قِيمَةُ نَصِيبِ صَاحِبِهِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَوْ أَنَّهُ حِينَ أَدَّى أَحَدُهُمَا عَجَزَ الْآخَرُ بَعْدَ ذَلِكَ فَعَلَى قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَتَقَ نَصِيبُ الْمُؤَدِّي مِنْ الْوَلَدِ، وَصَارَ نَصِيبُ الْآخَرِ عَبْدًا تَبَعًا لَهُ.
وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَلْمُؤَدِّي وَضَمِنَ الْمُؤَدِّي نِصْفَ قِيمَةِ الْجَارِيَةِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا، وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي الْوَلَدِ لَكِنْ يَسْعَى الْوَلَدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ، وَلَوْ لَمْ يَعْجِزْ الْآخَرُ بَعْدَمَا أَدَّى أَحَدُهُمَا.
وَلَكِنْ أَدَّى وَعَتَقَ لَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى هَذَا الْفَصْلَ فِي الْكِتَابِ، وَالْجَوَابُ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى عَتَقَ الْوَلَدُ عَلَى الْمُكَاتَبَيْنِ وَعَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- حِينَ أَدَّى أَحَدُهُمَا عَتَقَ كُلُّ الْوَلَدِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ تَجَزُّؤِ الْإِعْتَاقِ مِنْ غَيْرِ ضَمَانٍ، وَلَا سِعَايَةٍ، وَصَارَتْ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لَهُ، فَلَا يَتَغَيَّرُ هَذَا الْحُكْمُ بِعِتْقِ الْآخَرِ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا شَيْئًا حَتَّى عَجَزَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّ الْوَلَدَ مُكَاتَبٌ مَعَ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ عِنْدَهُمَا وَهُوَ ابْنُهُمَا كَمَا كَانَ، وَيَضْمَنُ الْمُكَاتَبُ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا نِصْفَ قِيمَةِ الْوَلَدِ لِمَوْلَى الْمُكَاتَبِ الَّذِي عَجَزَ، وَلَمْ يَذْكُرْ حُكْمَ الْأُمِّ فِي هَذَا الْفَصْلِ.
وَيَنْبَغِي عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِمَا أَنْ تَصِيرَ أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْجِزْ، وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ نِصْفَ الْوَلَدِ مُكَاتَبًا مَعَ الَّذِي لَمْ يَعْجِزْ.
وَنِصْفُهُ يَكُونُ رَقِيقًا لِمَوْلَى الَّذِي عَجَزَ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَمِنْ مَشَايِخِنَا مَنْ قَالَ: عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى تَصِيرُ الْجَارِيَةُ كُلُّهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي لَمْ يَعْجِزْ، وَذَكَرَ عَلِيٌّ الرَّازِيّ فِي مَسَائِلِهِ وَالْكَرْخِيُّ أَنَّ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يَجِبُ أَنْ يَكُونَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلْمُكَاتَبِ، وَنِصْفُهَا يَكُونُ رَقِيقًا لِمَوْلَى الَّذِي عَجَزَ، وَلَوْ لَمْ يُؤَدِّهِ أَحَدٌ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَعْجِزْ وَلَكِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا، وَتَرَكَ وَفَاءً بِبَدَلِ الْكِتَابَةِ وَفَضْلًا فَإِنَّ مَوْلَى الْمَيِّتِ يَسْتَوْفِي بَدَلَ الْكِتَابَةِ مِنْ تَرِكَتِهِ، وَيُحْكَمُ بِعِتْقِهِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ ثُمَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى يُعْتَقُ نِصْفُ الْوَلَدِ تَبَعًا لِأَبِيهِ وَالنِّصْفُ الْآخَرُ يَبْقَى مُكَاتَبًا تَبَعًا لِلْأَبِ الْآخَرِ، فَإِنْ أَدَّى الْآخَرُ عَتَقَ وَعَتَقَ الِابْنُ كُلُّهُ، وَلَا يَرِثُ أَبَاهُ الْأَوَّلَ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَإِنْ لَمْ يُؤَدِّ الْآخَرُ وَلَكِنْ عَجَزَ فَالِابْنُ يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ.
وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهِ، وَأَمَّا الْجَارِيَةُ فَقَدْ صَارَ نِصْفُهَا أُمَّ وَلَدٍ لِلَّذِي مَاتَ عَنْ وَفَاءٍ فِي حَالِ حَيَاتِهِ وَحُرِّيَّتِهِ، وَعَتَقَتْ بِمَوْتِهِ حُرًّا كَمَا هُوَ الْحُكْمُ فِي أُمِّ وَلَدِ الْحُرِّ وَنَصِيبُ الْآخَرِ لَا يُتْرَكُ رَقِيقًا فَتَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَتِهَا لِلْمُكَاتَبِ الْحَيِّ، وَيُحْكَمُ بِحُرِّيَّتِهَا.
وَهَذَا كُلُّهُ قِيَاسُ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا عَلَى قِيَاسِ قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- إذَا حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ الْمَيِّتِ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهِ حَكَمْنَا بِحُرِّيَّةِ الْوَلَدِ كَامِلًا إلَّا أَنْ يَعْجِزَ الْآخَرُ فَحِينَئِذٍ يَسْعَى الْوَلَدُ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ لِمَوْلَى الْعَاجِزِ، وَلَا يَرِثُ الِابْنُ مِنْ الْمُكَاتَبِ الْمَيِّتِ شَيْئًا كَذَا فِي الْمُحِيطِ.
أَمَةٌ بَيْنَ رَجُلَيْنِ أَذِنَ لَهَا أَحَدُهُمَا فِي التِّجَارَةِ فَاسْتَدَانَتْ دَيْنًا ثُمَّ كَاتَبَ الْآخَرُ نَصِيبَهُ مِنْهَا بِإِذْنِ شَرِيكِهِ فَأَبَى الْغُرَمَاءُ أَنْ يُجِيزُوا ذَلِكَ فَلَهُمْ ذَلِكَ، فَإِنْ رَضُوا بِهِ جَازَ، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ الْغُرَمَاءُ حَتَّى أَخَذَ الْمَوْلَى الْكِتَابَةَ عَتَقَ نَصِيبُهُ لِوُجُودِ شَرْطِهِ وَيَأْخُذُ الْغُرَمَاءُ نِصْفَ مَا أَخَذَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مِنْ كَسْبِهَا وَنِصْفَ حِصَّةِ نَصِيبِ الْآذِنِ، وَهُوَ مَشْغُولٌ بِدُيُونِهِمْ ثُمَّ يَرْجِعُ بِهِ الَّذِي كَاتَبَهُ عَلَى الْمُكَاتَبَةِ.
أَمَةٌ مَأْذُونٌ لَهَا فِي التِّجَارَةِ عَلَيْهَا دَيْنٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا وَكَاتَبَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ فَلِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَرُدُّوا ذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ بِالْأُمِّ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ جَازَتْ الْكِتَابَةُ، فَإِنْ أَعْتَقَ السَّيِّدُ الْوَلَدَ كَانَ لَهُمْ أَنْ يُضَمِّنُوهُ قِيمَتَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْأُمِّ وَفَاءٌ بِالدَّيْنِ، فَإِنْ كَانَ السَّيِّدُ مُعْسِرًا فَلَهُمْ أَنْ يَسْتَسْعُوا الِابْنَ فِي الْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ، وَمِمَّا بَقِيَ مِنْ الدَّيْنِ، وَإِنْ كَاتَبَ الْأُمَّ وَعَلَيْهَا دَيْنٌ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَشَبَّ الْوَلَدُ، وَبَاعَ، وَاشْتَرَى، وَلَزِمَهُ دَيْنٌ ثُمَّ جَاءَ الْغُرَمَاءُ الْأَوَّلُونَ فَرَدُّوا الْمُكَاتَبَةَ فَقَدْ بَطَلَتْ الْمُكَاتَبَةُ بِرَدِّهِمْ لِقِيَامِ حَقِّهِمْ فِي مَالِيَّةِ الْأُمِّ تُبَاعُ الْأُمُّ لِغُرَمَائِهَا، وَيُبَاعُ الْوَلَدُ لِغُرَمَائِهِ خَاصَّةً دُونَ غُرَمَاءِ أُمِّهِ، وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يَكُنْ كَاتَبَ الْأُمَّ، وَلَكِنَّهُ أَذِنَ لِلْوَلَدِ فِي التِّجَارَةِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا كَاتَبَ عَبْدَيْنِ صَغِيرَيْنِ لَهُ كِتَابَةً وَاحِدَةً، وَهُمَا يَعْقِلَانِ ذَلِكَ فَهُمَا فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الْكَبِيرِينَ كَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة.
وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَيْنِ لَهُ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةٍ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ عَلَى أَنَّهُمَا إنْ أَدَّيَا عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَا رُدَّا فِي الرِّقِّ فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، فَإِنْ أَدَّى أَحَدُهُمَا جَمِيعَ الْأَلْفِ عَتَقَا ثُمَّ يَرْجِعُ الْمُؤَدِّي عَلَى صَاحِبِهِ بِحِصَّتِهِ حَتَّى إذَا كَانَتْ قِيمَتُهُمَا سَوَاءً رَجَعَ بِنِصْفِهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَدَّى أَحَدُهُمَا شَيْئًا رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ قَلَّ ذَلِكَ أَوْ كَثُرَ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَأْخُذَ أَيَّهُمَا شَاءَ بِجَمِيعِ الْمَالِ، وَإِنْ مَاتَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَسْقُطْ عَنْ الْحَيِّ شَيْءٌ، وَإِنْ أَدَّى يُحْكَمْ بِعِتْقِهِمَا جَمِيعًا، وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى أَحَدَهُمَا تَسْقُطْ حِصَّتُهُ، وَلَوْ كَاتَبَ أَمَتَيْنِ فَوَلَدَتْ إحْدَاهُمَا وَأَعْتَقَ السَّيِّدُ وَلَدَهَا لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْ الْمَالِ عَنْهُمَا، وَالْمَسْأَلَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: أَحَدُهَا: مَا بَيَّنَّا وَالثَّانِي أَنْ يُكَاتِبَهُمَا عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً لَمْ يَزِدْ عَلَى هَذَا، وَفِي هَذَا إذَا أَدَّى أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ الْمَالِ يُعْتَقُ، وَالثَّالِثُ أَنْ يَقُولَ الْمَوْلَى إنْ أَدَّيَا عَتَقَا، وَإِنْ عَجَزَا رُدَّا فِي الرِّقِّ، وَلَا يَذْكُرُ كَفَالَةَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَنْ صَاحِبِهِ فَلَا يُعْتَقُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَصِلْ جَمِيعُ الْمَالِ إلَى الْمَوْلَى كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَإِنْ أَقَرَّ الْمَوْلَى بِاسْتِيفَاءِ بَدَلِ الْكِتَابَةِ عَتَقَ وَعَتَقَ أَوْلَادُهُ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
رَجُلٌ كَاتَبَ عَبْدًا لَهُ وَامْرَأَتَهُ مُكَاتَبَةً وَاحِدَةً، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا كَفِيلٌ عَنْ صَاحِبِهِ ثُمَّ وَلَدَتْ وَلَدًا فَقُتِلَ الْوَلَدُ تَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ، وَإِنْ قَتَلَهُ الْمَوْلَى فَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ، وَكَانَتْ قِصَاصًا بِالْكِتَابَةِ إنْ كَانَتْ قَدْ حَلَّتْ أَوْ رَضِيَتْ هِيَ بِالْقِصَاصِ إنْ لَمْ تَكُنْ حَلَّتْ ثُمَّ تَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِحِصَّتِهِ إذَا حَلَّتْ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ كَانَ فِي الْقِيمَةِ فَضْلٌ عَلَى الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ الْفَضْلُ، وَمَا تَرَكَ الْوَلَدُ مِنْ مَالٍ فَهُوَ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ الْوَلَدُ جَارِيَةً فَكَبُرَتْ وَوَلَدَتْ الِابْنَةُ ثُمَّ قُتِلَتْ السُّفْلَى كَانَتْ قِيمَتُهَا لِلْجَدَّةِ دَاخِلَةً فِي كِتَابَتِهَا، وَإِنْ مَاتَتْ الْجِدَّةُ وَبَقِيَ الْوَلَدَانِ وَالزَّوْجُ كَانَ عَلَى الْوَلَدَيْنِ مِنْ السِّعَايَةِ مَا كَانَ عَلَى الْجِدَّةِ، وَإِنْ أَدَّى أَحَدُ الْوَلَدَيْنِ لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الزَّوْجِ بِحِصَّتِهِ كَمَا لَوْ أَدَّتْ الْجِدَّةُ فِي حَيَاتِهَا جَمِيعَ الْبَدَلِ رَجَعَتْ عَلَى الزَّوْجِ بِحِصَّتِهِ ثُمَّ يُسَلَّمُ ذَلِكَ لَهُ دُونَ الْآخَرِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ أَعْتَقَ الْمَوْلَى الْمُكَاتَبَ نَفَذَ عِتْقُهُ، وَسَقَطَ عَنْهُ مَالُ الْمُكَاتَبِ، وَكَذَلِكَ لَوْ أَبْرَأَهُ عَنْ الْبَدَلِ أَوْ وَهَبَهُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ قَبِلَ أَوْ لَمْ يَقْبَلْ كَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
فَإِنْ قَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا أَقْبَلُ تَعُودُ الْمُكَاتَبَةُ وَيَكُونُ الْمُكَاتَبُ حُرًّا؛ لِأَنَّ هِبَةُ الدَّيْنِ تَرْتَدُّ بِالرَّدِّ إلَّا أَنَّ الْعِتْقَ بَعْدَ وُقُوعِهِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ كَذَا فِي فَتَاوَى قَاضِي خَانْ.
وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفٍ مُؤَجَّلٍ، فَإِنْ أَدَّاهُ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ يُجْبَرُ الْمَوْلَى عَلَى الْقَبُولِ، وَإِذَا كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدِمَهُ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْمُدَّةَ لَمْ يَجُزْ هَكَذَا فِي خِزَانَةِ الْمُفْتِينَ.
وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدِمَهُ شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ اسْتِحْسَانًا، وَفِي الْقِيَاسِ لَا يَجُوزُ، وَكَذَلِكَ إنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَحْفِرَ لَهُ بِئْرًا قَدْ سَمَّى لَهُ طُولَهَا وَعَرَضَهَا، وَأَرَاهُ مَكَانَهَا أَوْ عَلَى أَنْ يَبْنِيَ لَهُ دَارًا قَدْ أَرَاهُ آجُرَّهَا وَجِصَّهَا، وَمَا يَبْنِي بِهَا فَهُوَ عَلَى الْقِيَاسِ الَّذِي قُلْنَا، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى أَنْ يَخْدِمَ رَجُلًا شَهْرًا فَهُوَ جَائِزٌ فِي الْقِيَاسِ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
الْكِتَابَةُ تَتَجَزَّأُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى حَتَّى لَوْ كَاتَبَ نِصْفَ عَبْدِهِ جَازَ، وَكَانَ نِصْفُ كَسْبِهِ لَهُ وَنِصْفُ كَسْبِهِ لِسَيِّدِهِ كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ.
وَلَوْ كَاتَبَ نِصْفَ جَارِيَتِهِ فَوَلَدَتْ وَلَدًا فَوَلَدُهَا بِمَنْزِلَتِهَا، وَيَكُونُ نِصْفُ كَسْبِ الْوَلَدِ لِلْمَوْلَى، وَنِصْفُ كَسْبِهِ لِلْأُمِّ، فَإِنْ أَدَّتْ عَتَقَ نِصْفُهَا وَعَتَقَ نِصْفُ الْوَلَدِ مَعَهَا وَيَسْعَى كُلُّ وَاحِدٍ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ وَمَا اكْتَسَبَ الْوَلَدُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ لَهُ دُونَ أُمِّهِ وَمَوْلَاهُ، وَإِنْ مَاتَتْ الْأُمُّ قَبْلَ أَنْ تُؤَدِّيَ شَيْئًا مِنْ مُكَاتَبَتِهَا سَعَى الْوَلَدُ فِي الْمُكَاتَبَةِ، فَإِنْ أَدَّاهَا عَتَقَ نِصْفُ الْأُمِّ فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءِ حَيَاتِهَا، وَعَتَقَ نِصْفُ الْوَلَدِ أَيْضًا كَمَا لَوْ أَدَّتْ فِي حَيَاتِهَا، وَيَسْعَى بَعْدَ ذَلِكَ فِي نِصْفِ قِيمَتِهِ، وَلَا يَسْعَى فِي نِصْفِ قِيمَةِ الْأُمِّ، وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ ثُمَّ صَالَحَهُ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَ بَعْضَهُ وَيَحُطَّ عَنْهُ مَا بَقِيَ فَهُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ فَارَقَهُ قَبْلَ الْقَبْضِ لَمْ يَفْسُدْ الصُّلْحُ؛ لِأَنَّهُ افْتِرَاقٌ عَنْ عَيْنٍ بِدَيْنٍ، وَإِنْ صَالَحَهُ عَلَى عَرَضٍ أَوْ غَيْرِهِ مُؤَجَّلٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ دَيْنٌ بِدَيْنٍ، فَإِنْ كَانَ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ مُنَجَّمٍ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ إلَيْهِ مَعَ كُلِّ نَجْمٍ ثَوْبًا قَدْ سَمَّى جِنْسَهُ أَوْ عَلَى أَنْ يُؤَدِّيَ مَعَ كُلِّ نَجْمٍ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ، فَذَلِكَ جَائِزٌ كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَ الْمَوْلَى وَالْعَبْدُ فِي بَدَلِ الْكِتَابَةِ بِأَنْ قَالَ الْعَبْدُ: كَاتَبْتنِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُك عَلَى أَلْفَيْنِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي جِنْسِ الْمَالِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَوَّلًا يَقُولُ: يَتَحَالَفَانِ، وَهُوَ قَوْلُهُمَا ثُمَّ رَجَعَ، وَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى الْمَوْلَى الْبَيِّنَةُ ثُمَّ إذَا جَعَلَ الْقَاضِي الْقَوْلَ قَوْلَ الْمُكَاتَبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَأَلْزَمَهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَأَقَامَ الْمَوْلَى بَعْدَ ذَلِكَ بَيِّنَةً عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ لَزِمَهُ أَلْفَانِ وَيَسْعَى فِيهِمَا؛ لِأَنَّهُ لَا قَوَامَ لِلْيَمِينِ إذَا جَاءَتْ الْبَيِّنَةُ، وَإِنْ لَمْ يُقِمْ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَدَّى الْعَبْدُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَقَضَى الْقَاضِي بِعِتْقِهِ ثُمَّ أَقَامَ السَّيِّدُ الْبَيِّنَةَ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفَيْنِ.
فَالْقِيَاسُ أَنْ لَا يُعْتَقَ مَا لَمْ يُؤَدِّ أَلْفَيْنِ، وَفِي الِاسْتِحْسَانِ هُوَ حُرٌّ عَلَيْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ أُخَرَ، وَإِذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدًا، وَاخْتَلَفَا فِي الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَقَالَ لِلْمَوْلَى: كَاتَبْتنِي عَلَى نَفْسِي وَمَالِي عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَقَالَ السَّيِّدُ: لَا بَلْ كَاتَبْتُك عَلَى نَفْسِك دُونَ مَالِك فَالْقَوْلُ قَوْلُ السَّيِّدِ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا، وَلَا يَتَحَالَفَانِ هَاهُنَا بِالْإِجْمَاعِ، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبِ، وَلَوْ قَالَ الْمَوْلَى: كَاتَبْتُك يَوْمَ كَاتَبْتُك، وَهَذَا الْمَالُ فِي يَدِك، وَهُوَ مَالِي، وَقَالَ الْمُكَاتَبُ: لَا بَلْ هُوَ لِي أَصَبْتُهُ بَعْدَمَا كَاتَبْتنِي فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُكَاتَبِ وَكَانَ عَلَى الْمَوْلَى الْبَيِّنَةُ، فَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ فَبَيِّنَةُ الْمَوْلَى أَوْلَى، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي أَصِلْ الْأَجَلِ أَوْ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْأَجَلِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَلَوْ اتَّفَقَا عَلَى أَصِلْ الْأَجَلِ وَمِقْدَارِهِ، وَلَكِنْ اخْتَلَفَا فِي مُضِيِّهِ،
فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ، وَلَوْ ادَّعَى الْعَبْدُ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى أَلْفِ دِرْهَمٍ، وَنَجَّمَ عَلَيْهِ كُلَّ شَهْرٍ مِائَةً، وَقَالَ الْمَوْلَى لَا بَلْ نَجَّمْت عَلَيْك كُلَّ شَهْرٍ مِائَتَيْنِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِذَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَ الْمَوْلَى وَالْمُكَاتَبَةِ فِي وَلَدِهَا، فَقَالَ الْمَوْلَى وَلَدْتِهِ قَبْلَ أَنْ كَاتَبْتُك وَقَالَتْ الْمُكَاتَبَةُ بَلْ وَلَدْته بَعْدَمَا كَاتَبْتنِي، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمَوْلَى فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَوْلَى.
وَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ فِي يَدِ الْمُكَاتَبَةِ، وَلَا يُعْلَمُ مَتَى وَلَدَتْ فَالْقَوْلُ قَوْلُهَا اعْتِبَارًا لِلْيَدِ فِي الْفَصْلَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ مُحَمَّدٌ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْأَصْلِ مَا إذَا كَانَ الْوَلَدُ فِي أَيْدِيهمَا رَوَى بِشْرٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَوْلَى، وَإِنْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ، فَالْبَيِّنَةُ بَيِّنَةُ الْمُكَاتَبَةِ كَذَا فِي الذَّخِيرَةِ.
وَإِنْ ادَّعَى أَحَدُهُمَا فَسَادًا فِي الْكِتَابَةِ وَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُنْكِرِ؛ لِأَنَّ اتِّفَاقَهُمَا عَلَى الْعَقْدِ يَكُونُ اتِّفَاقًا مِنْهُمَا عَلَى مَا يُصَحِّحُ الْعَقْدَ، وَلَوْ أَقَامَا الْبَيِّنَةَ كَانَتْ الْبَيِّنَةُ بَيِّنَةَ مَنْ يَدَّعِي الْفَسَادَ.
وَلَوْ كَاتَبَ الذِّمِّيُّ عَبْدًا لَهُ مُسْلِمًا ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي مِقْدَارِ الْبَدَلِ، وَأَقَامَ الْمَوْلَى بَيِّنَةً مِنْ النَّصَارَى لَمْ تُقْبَلْ.
حَرْبِيٌّ دَخَلَ دَارَ الْإِسْلَامِ بِأَمَانٍ فَاشْتَرَى عَبْدًا ذِمِّيًّا، وَكَاتَبَهُ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْمُكَاتَبَةِ فَأَقَامَ الْمَوْلَى الْبَيِّنَةَ مِنْ أَهْلِ الْحَرْبِ مَنْ دَخَلَ مَعَهُ بِأَمَانٍ لَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ عَلَى الْعَبْدِ الذِّمِّيِّ هَكَذَا فِي الْمَبْسُوطِ.
وَإِنْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ أَمَتِهِ تُكَاتَبْ عَلَيْهِ، وَكَانَ كَسْبُ الْوَلَدِ لَهُ، وَكَذَا لَوْ وَلَدَتْ الْمُكَاتَبَةُ وَلَدًا دَخَلَ الْوَلَدُ فِي كِتَابَتِهَا فَكَانَتْ هِيَ أَحَقُّ بِهِ وَبِكَسْبِهِ، وَإِنْ زَوَّجَ أَمَتَهُ مِنْ عَبْدِهِ وَكَاتَبَهُمَا فَوَلَدَتْ دَخَلَ فِي كِتَابَتِهَا وَكَسْبُهُ لَهَا، وَلَوْ قُتِلَ هَذَا الْوَلَدُ تَكُونُ قِيمَتُهُ لِلْأُمِّ دُونَ الْأَبِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَبِلَا الْكِتَابَةَ عَنْ أَنْفُسِهِمَا وَعَنْ وَلَدِهِمَا الصَّغِيرِ فَقَتْلُ الْوَلَدِ حَيْثُ تَكُونُ قِيمَتُهُ بَيْنَهُمَا، وَلَا تَكُونُ الْأُمُّ أَحَقَّ بِهَا كَذَا فِي التَّبْيِينِ.
مُكَاتَبٌ تَزَوَّجَ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ امْرَأَةً زَعَمَتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ فَوَلَدَتْ مِنْهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ فَأَوْلَادُهَا عُبَيْدٌ لَا يَأْخُذُهُمْ بِالْقِيمَةِ، وَكَذَلِكَ الْعَبْدُ الْمَأْذُونُ، وَهَذَا قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُف- رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَى- كَذَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ.
وَلَوْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً عَلَى أَنَّهَا حُرَّةٌ فَبَانَتْ أَمَةً لَمْ يَأْذَنْ لَهَا مَوْلَاهَا فَالنِّكَاحُ فَاسِدٌ، وَيُؤْخَذُ بِالْعُقْرِ بَعْدَ الْحُرِّيَّةِ إلَّا إذَا كَانَتْ بِكْرًا فَافْتَضَّهَا فَإِنَّهُ يُؤْخَذُ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ ضَمَانُ جِنَايَةٍ كَذَا فِي السِّرَاجِ الْوَهَّاجِ.
إذَا وَقَعَ الْمُكَاتَبُ عَلَى بِكْرٍ فَافْتَضَّهَا كَانَ عَلَيْهِ الْحَدُّ لِوُجُودِ الزِّنَا الْمَحْضِ، وَهُوَ مُخَاطَبٌ، فَإِنْ دَخَلَ فِي ذَلِكَ شُبْهَةٌ، وَلَمْ تُطَاوِعْهُ الْمَرْأَةُ كَانَ عَلَيْهِ الْمَهْرُ إلَّا أَنَّهَا إذَا طَاوَعَتْهُ فَقَدْ رَضِيَتْ بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا فَيَتَأَخَّرُ إلَى مَا بَعْدَ الْعِتْقِ، وَإِنْ لَمْ تُطَاوِعْهُ لَمْ تَرْضَ بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا فَيَلْزَمُهُ فِي الْحَالِ كَمَا لَوْ جَنَى عَلَيْهَا كَانَ مُؤَاخَذًا بِالْأَرْشِ، فَإِنْ قَالَ زُوِّجْتهَا فَصَدَّقَتْهُ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ الْمَهْرُ إذَا أُعْتِقَ لِوُجُودِ إضَافَتِهَا بِتَأْخِيرِ حَقِّهَا كَذَا فِي الْمَبْسُوطِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَم.